إجراءات تنفيذ حكم التحكيم

إجراءات تنفيذ حكم التحكيم

تسري احكام قانون التحكيم المصري علي كل تحكيم بين أطراف من اشخاص القانون العام او القانون الخاص أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع في حالتين:

الحالة الاولي: إذا كان التحكيم يجري في مصر

الحالة الثانية: إذا كان التحكيم تحكيما تجاريا دوليا يجري في الخارج واتفق الأطراف على اخضاعه لأحكام قانون التحكيم المصري وذلك وفقا لنص المادة الاولي من قانون التحكيم المصري.

واحكام المحكمين الصادرة طبقا لهذا القانون تحوز حجية الامر المقضي وتكون واجبة النفاذ بمراعاة الاحكام المنصوص عليها في هذا القانون.

وعلي ذلك يخرج من مجال الخضوع لقانون التحكيم التجاري الدولي الذي يتم خارج مصر ولا يتفق اطرافه علي اخضاعه لهذا القانون وتنفيذ الحكم الصادر في مثل هذا التحكيم يخضع لاتفاقية نيويورك لسنة 1958 بشان الاعتراف وتنفيذ احكام التحكيم الأجنبية وقواعد قانون المرافعات المصري المتعلقة بتنفيذ الاحكام الأجنبية والتي تنص المادة الاولي منها علي انه ” تطبق الاتفاقية الحالية للاعتراف وتنفيذ احكام المحكمين الصادرة في إقليم دولة غير التي يطلب اليها الاعتراف وتنفيذ هذه الاحكام علي اقليمها وتكون ناشئة عن منازعات بين اشخاص معنوية او طبيعية كما تطبق أيضا علي احكام المحكمين التي لا تعتبر وطنية في الدولة المطلوب اليها الاعتراف او تنفيذ هذه الاحكام “

وفيما يتعلق بالتحكيم الذي يخضع لأحكام اتفاقية نيويورك او لأحكام اتفاقية دولية اخري نلاحظ ان الامر يتعلق بحكم تحكيم صدر في الخارج في دولة ترتبط مع مصر بمعاهدة دولية لتنفيذ احكام التحكيم.

وفي هذه الحالة يتعين تنفيذ الاحكام في مصر طبقا لهذه المعاهدة اعمالا لحكم المادة الاولي من قانون التحكيم المصري والتي تنص على ضرورة مراعاة احكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في مصر.

فيما يتعلق بإجراءات تنفيذ احكام التحكيم التي يخضع لأحكام قانون المرافعات المصري نلاحظ ان الامر يتعلق بأحكام تحكيم صادرة في الخارج في دولة اجنبية لا ترتبط مع مصر باتفاقية دولية في مجال تنفيذ احكام التحكيم وفي نفس الوقت لم يتفق أطراف التحكيم على اخضاعه لأحكام قانون التحكيم المصري.

ويلاحظ وجود اختلافات جوهرية بين قانون المرافعات المصري وقانون التحكيم المصري فيما يتعلق بإجراءات تنفيذ حكم التحكيم وبصفة خاصة فيما يتعلق:

  1. كيفية طلب التنفيذ و تحديد المحكمة المختصة:

يتطلب قانون المرافعات رفع دعوي بالإجراءات المعتادة لطلب التنفيذ وينعقد الاختصاص للمحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها اما إذا كان التحكيم يخضع لأحكام قانون التحكيم المصري فانه يكفي استصدار امر بتنفيذ حكم التحكيم من رئيس المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع وتختلف هذه المحكمة وفقا لنوع التحكيم.

فاذا كان التحكيم لا يتمتع بصفة التحكيم التجاري الدولي ينعقد الاختصاص لرئيس المحكمة المختصة أصلا بنظر الدعوي.

وإذا كان التحكيم يتمتع بصفة التحكيم التجاري الدولي ينعقد الاختصاص لرئيس محكمة استئناف القاهرة مالم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف اخري في مصر.

  1. شروط تنفيذ الحكم:

كان قانون المرافعات أكثر تشددا فيما يتعلق بتحديد الشروط المطلوبة لتنفيذ الحكم في مصر الي حد ان المشرع ساوي في المعاملة بين الحكم القضائي وحكم التحكيم وهو امر غير مقبول في حين ان المشرع في قانون التحكيم كان أكثر مرونة وتفهما لكيفية معاملة حكم التحكيم الأجنبي.

إجراءات تنفيذ حكم التحكيم وفقا لأحكام قانون التحكيم المصري

يفرض المشروع على هيئة التحكيم ان تسلم الي كل من الطرفين صورة من حكم التحكيم موقعة من المحكمين الذين وافقوا عليه خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره.

ويتعين على من صدر الحكم لصالحه حكم التحكيم ان يستوفي مجموعة من الإجراءات المحددة حتى يتمكن من القيام بتنفيذ حكم التحكيم جبريا بمساعدة رجال السلطة العامة.

وهذه الإجراءات هي:

أولا: إيداع الحكم قلم كتاب المحكمة المختصة.

ثانيا: انقضاء ميعاد رفع دعوي بطلان الحكم وهي تسعون يوما من تاريخ الإعلان

ثالثا: استصدار الامر بتنفيذ الحكم من رئيس المحكمة المختصة.

ويعتبر الحكم التحكيمي وطنيا إذا كان قد صدر في البلد المراد تنفيذ الحكم فيه وهذا هو المعيار الغالب في إضفاء الصفة الوطنية على الحكم وهو الذي يأخذ بالمفهوم الجغرافي أي مكان اصدار الحكم.

ومع ذلك فان احكام قانون التحكيم المصري تسري أيضا حال تخلف المعيار الجغرافي وذلك إذا اتفق الافراد على اخضاع التحكيم لأحكام القانون المصري وهو ما يطلق عليه المعيار الاجرائي او المعيار القانوني.

أولا: إيداع الحكم قلم كتاب المحكمة المختصة

يفرض القانون على هيئة التحكيم ان تسلم الي كل من الطرفين صورة من حكم التحكيم الذين وافقوا عليه خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره وذلك طبقا لنص المادة 44/1 من قانون التحكيم.

ويجب على من صدر حكم التحكيم لصالحه إيداع أصل الحكم او صورة منه باللغة العربية التي صدر بها او باللغة العربية مصدقا عليها من جهة معتمدة باللغة الأجنبية وذلك في قلم كتاب المحكمة المختصة.

ويحرر كاتب المحكمة محضرا بهذا الإيداع ويجوز لكل من طرفي التحكيم طلب الحصول على صورة من هذا المحضر.

والايداع اجراء لاحق لصدور الحكم ولذلك فان مخالفته لا تؤدي الي بطلان الحكم ولم يتضمن قانون التحكيم المصري ميعادا يتعين تنفيذ اجراء الإيداع في خلاله.

وان كان القانون المصري قد اوجب إيداع الحكم الا انه لم يشترط ان يتم هذا الإيداع مرفقا به أي مستندات اخري وذلك علي خلاف الحكم في المادة 508 من قانون المرافعات الملغي والتي كانت تنص علي ان جميع احكام المحكمين يجب إيداع اصلها مع اصل مشارطة التحكيم قلم كتاب المحكمة المختصة أصلا بنظر الدعوي كما يلاحظ ان المشرع المصري لم يفرض جزاء علي عدم إيداع الحكم قلم كتاب المحكمة المختصة ومع ذلك فان الإيداع اجراء جوهري وضروري ولك يكن المشرع في حاجة الي تقرير جزاء لعدم القيام بهذا الاجراء حتي يتمكن من تنفيذ الحكم حيث ان المادة 56/4 من قانون التحكيم المصري تجعل من شروط اصدار الامر بتنفيذ الحكم ان يقدم التنفيذ مرفقا به صورة من المحضر الدال علي إيداع الحكم ومعني ذلك بوضوح انه اذا لم يقم صاحب الشأن بإيداع الحكم فسوف يتعذر عليه الحصول علي الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم .

ثانيا: انقضاء ميعاد رفع دعوي بطلان الحكم

وفقا لنص المادة 85/1 من قانون التحكيم المصري لا يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم إذا لم يكن ميعاد رفع دعوي بطلان الحكم قد انقضي.

وترفع دعوي بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوما التالية لتاريخ اعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه ولا يحول دون قبول دعوي البطلان قبول مدعي البطلان نزول مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم.

وتنص المادة 57 من قانون التحكيم المصري علي انه:

“لا يترتب على رفع دعوي البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم ومع ذلك يجوز للمحكمة ان تامر بوقف التنفيذ إذا طلب المدعي ذلك في صحيفة الدعوي وكان الطلب مبنيا على أسباب جدية. وعلى المحكمة الفصل في طلب وقف التنفيذ حلال ستين يوما من تاريخ اول جلسة محددة لنظره وإذا أمرت بوقف التنفيذ جاز لها ان تامر بتقديم كفالة او ضمان مالي وعليها إذا أمرت بوقف التنفيذ الفصل في دعوي البطلان خلال ستة أشهر من تاريخ صدور هذا الامر “

ثالثا: امر تنفيذ حكم التحكيم

يتعين على من صدر حكم التحكيم لصالحه ان يستصدر امر بتنفيذ حكم التحكيم من المحكمة المختصة وعلى هذا فالقانون لا يتطلب رفع دعوي بطلب التنفيذ وانما اكتفي بتقديم طلب التنفيذ لرئيس المحكمة المختصة ولكن يلزم اعلان الخصم بطلب التنفيذ المقدم لرئيس المحكمة المشار اليها ويراعي ضرورة توافر امرين لحصول التنفيذ:

أولا: سبق إيداع الحكم

ثانيا: انقضاء ميعاد رفع دعوي البطلان

ولا يجوز التظلم من الامر الصادر بتنفيذ حكم التحكيم اما الامر الصادر برفض التنفيذ فيجوز التظلم منه الي المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره.

وعلى ذلك فالمحكمة تنظر في طلب التنفيذ على أساس الوثائق والمستندات المقدمة فقط لا على أساس نظر حضوري في مواجهة الأطراف أي انه يفحص المستندات المقدمة فحصا ظاهريا خارجيا للتحقق من توافر شروط تنفيذ حكم التحكيم وفقا لأحكام قانون التحكيم المصري.

وإذا انتهت المحكمة من التحقق من شروط طلب الامر بالتنفيذ كان له:

  1. اما ان يحكم بالأمر بالتنفيذ
  2. او ان يحكم برفض الامر بالتنفيذ

ويلاحظ ان المحكمة المقدم اليها طلب التنفيذ او القاضي الذي يأمر بالتنفيذ لا يملك سلطة تعديل الحكم او ابطاله كما انه لا مجال امامه للحكم بوقف التنفيذ حتى يفصل في الطعن المقدم علي الحكم في محكمة اخري

وإذا امر القاضي بتنفيذ الحكم التحكيمي فان هذا الامر يعد نهائيا وفقا لنص المادة 58/3 من قانون التحكيم المصري اما إذا رفض الامر بالتنفيذ فانه يجوز لطالب التنفيذ التظلم من امر رفض التنفيذ الصادر عن القاضي الي محكمة استئناف القاهرة او اية محكمة استئناف اخري يتفق عليها الطرفان خلال ثلاثين يوما من تاريخ اصدار الامر برفض التنفيذ وفقا لنص المادة سالفة الذكر.

هشام عبد العظيم احمد السيد

  • محام بالاستئناف العالي ومجلس الدولة
  • ماجستير في القانون الدولي جامعة عين شمس
  • مؤلف كتاب إجراءات الدعوي التحكيمية وأسباب البطلان

Contact Us

Copyrights © 2022 MK Team Solutions | All rights reserved.